يتولى إدارة الشركة ذات المسئولية المحدودة مدير أو أكثر وفقاً لما يقرره الشركاء فى عقد تأسيس الشركة، ويتم إختيار المدير أو المديرين من بين الشركاء أو من غيرهم، وإذا لم يتم تعيين المدير فى عقد تأسيس الشركة تقوم الجمعية العامة للشركاء بتعينه، ويكون للمدير كل الصلاحيات اللازمة لإدارة الشركة وتكون تصرفاته ملزمة لها ما لم يقيد عقد الشركة أو نظامها الداخلي الصلاحيات الممنوحة له.

وفي الواقع فإن كثير من الشركاء في الشركات ذات المسئولية المحدودة يكون لديهم إعتراضات أو تحفظات على طريقة إدارة الشركة، وتصل هذه الاعتراضات إلى حد رغبة البعض في عزل مدير الشركة، غير أن أغلبهم يصطدمون بعقبات قانونية تتمثل في ضرورة موافقة الجمعية العمومية للشركة على قرار العزل.

وتكمن صعوبة عزل المدير فى الواقع العملى فى حال كان المدير شريكاً في الشركة وتم تعينه بموجب عقد التأسيس، إذ يتوجب على بقية الشركاء الذين يرغبون فى عزله توفير الاغلبية اللازمة لتعديل عقد التأسيس فى اجتماع الجمعية العمومية، حيث نصت المادة (101) من قانون الشركات  الاتحادي رقم (2) لسنة 2015 “لا يجوز تعديل عقد تأسيس الشركة الا بموافقة عدد من الشركاء يمثلون ثلاث أرباع الحصص الممثلة فى إجتماع الجمعية العمومية”. وهو أمر قد يتعزر توافره في حال كان المدير أحد الشركاء ويمتلك نسبة من الحصص تمكنه من إجهاض أي قرار يصدر من الجمعية العمومية بعزله.

والمقرر في قضاء محكمة التمييز دبي أنه (إذا كان مدير الشركة ذات المسئولية المحدودة معيناً في عقد تأسيس الشركة لمدة محددة فإنه يبقى في منصبه مديراً إلى حين انقضاء هذه المدة، أما إذا كان معيناً في عقد تأسيس الشركة دون تحديد مدة بقائه مديراً للشركة فإنه يكون غير قابل للعزل من باقي الشركاء لأن الاتفاق على تعيينه مديراً في عقد تأسيس الشركة يعني اعتبار هذا التعيين جزءاً من عقد الشركة يأخذ حكمه من حيث الإلزام، وإذا نص عقد تأسيس الشركة على جواز عزل المدير فإن عزله يتم بالأغلبية اللازمة لتعديل عقد الشركة ما لم ينص في عقد التأسيس على أغلبية أخرى.) الطعن رقم 2005 / 81 طعن تجاري

ونصت المادة (85/1) من قانون الشركات الاتحادي رقم (2) لسنة 2015 على “ما لم ينص عقد تأسيس الشركة أو عقد التعيين على خلاف ذلك يعزل المدير بقرار من الجمعية العامة سواء كان المدير شريكاً أو غير شريك، كما يجوز للمحكمة عزل المدير بناء على طلب شريك أو اكثر من الشركة إذا رأت المحكمة سبباً مشروعاً يبرر العزل.” وهو ما مفاده أن القانون أجاز لأى شريك مهما كانت نسبة مساهمته فى الشركة أن يلجأ إلى القضاء لطلب عزل مدير الشركة إذا وجدت أسباب جدية تبرر ذلك ، ويكون ذلك بموجب دعوى تقام أمام المحكمة المختصة بالإجراءات المعتادة، يختصم فيها الشريك مدير الشركة فى شخصه ويبين فيها الأسباب التى يستند عليها في طلب العزل.

وتقدير الأسباب المشروعة التى تبرر العزل من هو سلطة محكمة الموضوع، وهى تختلف بإختلاف سبب الدعوى فالمشرع لم يحصرها فى أسباب معينة، وإنما ترك ذلك للمحكمة المختصة تفصل فى كل حالة على حدة، واستقر قضاء محكمة التمييز فى دبي على أن قيام المدير بإرتكاب خيانة الامانة فى حق الشركة يُعد سبباً مشروعاً يبرر العزل، وكذلك قيام المدير بعمل منافس للشركة إذ لا يجوز له بغير موافقة الجمعية العمومية للشركة أن يتولى الادارة في شركة أخرى منافسة أو ذات أغراض مماثلة، أو أن يقوم لحسابه أو لحساب الغير بصفقات فى تجارة منافسة أو مماثلة لتجارة الشركة ويترتب على مخالفة ذلك جواز عزله بل وإلزامه بالتعويض عن الأضرار التي تسبب فيها. ( المادة 86 من قانون الشركات)

كما يعد قيام المدير بمخالفة عقد الشركة أو القانون أو قيامه بارتكاب أعمال غش مبرراً يوجب عزله، وكذلك الخطأ الجسيم في الإدارة من جانب المدير أو سوء الإدارة أو التقصير الذى يلحق بالشركة خسائر فادحة، ويعد مرض المدير وعدم قدرته على العمل مما يؤثر على الشركة، أو حبسه لفترة طويلة أيضاً مبرراً للعزل.

وقد تصدر من المدير أثناء إدارته للشركة بعض الإخلالات بواجبات الادارة المنصوص عليها في القانون مثل عدم دعوة الجمعية العامة للانعقاد، وعدم إعداد الميزانية السنوية وحساب الارباح والخسائر، وعدم إعداد تقرير سنوى عن نشاط الشركة ووضعها المالي تمهيداً لعرضه على الجمعية العمومية وأيضاً عدم دعوة أعضاء الجمعية للانعقاد، وعدم تمكين أحد الشركاء من الاطلاع على دفاتر الحسابات.

فهل يجوز لأحد الشركاء اللجوء الى المحكمة بطلب لعزل المدير بناء على هذه الاخلالات؟

في اعتقادي ان المحكمة حينما يقدم اليها طلب لعزل المدير من إدارة الشركة تنظر لنوع المخالفة التى ارتكبها مدير الشركة ومدى جسامتها وحجم الضرر الذى تسبب فيه للشركة أو الشركاء، فإذا كانت المخالفة غير جسيمة ولم تسبب ضرراً للشركة أو الشركاء فيها، فإن المحكمة غالباً ما ترفض قرار العزل، أما اذا كانت المخالفة المنسوبة للمدير جسيمة فإن المحكمة بلا شك تتدخل وتصدر حكماً بعزله، وقد قضت محكمة التمييز دبي بعزل مدير شركة تعمد إجراء عمليات وقيود غير صحيحة في حسابات الشركة، وقام بصرف أرباح دون قرار من الجمعية العمومية وبالمخالفة للنسب المتفق عليها في عقد الشركة، كما قضت أيضاً بعزل مدير أهدر أموال الشركة وامتنع عن تنفيذ أحكام القانون المتعلقة بالإدارة.

وتكتفي المحكمة بقرار العزل، ويكون على الشركاء في الشركة عقد إجتماع للجمعية العمومية لتعيين مدير جديد خلافاً للمدير المعزول، إذ ان المحكمة لا تتدخل وتفرض على الشركاء في الشركة مديراً دون موافقتهم.

وأخيراً نشير إلى ان صدور حكم من المحكمة بعزل المدير من إدارة الشركة لا يؤثر بأي حال على حقوقه كمساهم فيها إذا كان المدير شريكاً في الشركة، فلا يجوز اخراجه من الشركة ذات المسئولية المحدودة منها طالما بقيت الشركة قائمه وظل محتفظاً بحصصه فيها لأن علاقته بالشركة وبالشركاء فيها لا تقوم على أساس الأعتبارات الشخصية بين الشركاء، ولا تضار الشركه من شريك طالما لم يكن له صله بادراتها.